جمال واكيم
ردت الحكومة السورية الانتقالية، يوم السبت الواقع فيه 26 – 4 – 2025 على الشروط الأميركية لرفع العقوبات جزئيا عن سورية. ووفقًا لوسائل إعلامية غربية، فقد رد رئيس الحكومة الانتقالية احمد الشرع بالموافقة على مجمل هذه الشروط وفي طليعتها مراقبة أنشطة الفصائل الفلسـ.ـطينية وتعهد السلطات السورية بألا تكون سورية منطلقًا لتهديدات تطول المصالح الأميركية أو الغربية، وأعلنت صراحة أن سورية "لن تشكل مصدر تهديد لأي دولة بما فيها إسرائيل."
جاء ذلك عقب لقاء الشرع برئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي ورئيس لجنة القوات المسلـ.ـحة الأمريكية كوري ميلز اللذين زارا سورية وبحثا مع السلطات الجديدة فيها في موضوع رفع العقوبات الغربية عن سورية وموضوع السلام بين سورية و"إسرائيل". وقد قال ميلز عقب اللقاء: "أنا متفائل بحذر، وأسعى للحفاظ على حوار مفتوح مع الشرع."
وقد أعلن ميلز لوسائل إعلام غربية عن أنه سينقل رسالة أحمد الشرع إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، علمًا أنه أبلغ الشرع بأنه "يتعين على سورية تقديم ضمانات أمنية لإسرائيل، كشرط لرفع العقوبات الأميركية عن دمشق."
كذلك، فقد تعهد رئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع بالتعاون مع واشنطن بمكافحة تنظيم الدولة الإسلا مية في العراق والشام "داعش" الإرهـ..ـابي، إلا أنه تحفظ على مطلب الإدارة الأميركية بإخراج المقـ.ـاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جانبه ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، وجاء في نص الرسالة التي أرسلها إلى ترامب أنه تم "بحث مسألة المقـ.ـاتلين الأجانب مع المبعوث الأمريكي السابق، لكن الأمر يتطلب مشاورات أوسع"، حيث أكد أنه "لن يسمح للفصائل المسلـ.ـحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل." ووفقًا للرسالة السورية أيضًا، فقد "تعهدت دمشق بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس."
بمراجعة مضمون الرسالة التي أرسلها الشرع إلى ترامب، فإنه يتبين أن الرئيس السوري المؤقت قد قبل بكل المطالب الأميركية التي سبق وطلبها كولن باول من الرئيس السوري بشار الأسد في العام 2003 عقب الغزو الأميركي للعراق. فعقب الاحتـ.ـلال الأميركي للعراق زار وزير الخارجية الأميركي آنذاك كولن باول دمشق والتقى الرئيس الأسد وطلب منه قطع علاقات سورية مع إيران ووقف دعم المـ.ـقاومتين اللبنانية والسورية ضد "إسرائيل" وإغلاق مكاتب الفصائل الفلسـ.ـطينية في دمشق، وإلا فإن واشنطن ستسعى لإسقاط الرئيس بشار الأسد والنظام السوري. في ذلك الوقت رفض الرئيس الأسد المطالب الأميركية المرفقة بتهديدات واضحة، قائلاً له، إن هذه المطالب يمكن أن تفرض فقط في حال تمكُّن القوات الأميركية المرابطة في العراق من احتـ.ـلال دمشق.
ونتيجة ذلك الموقف، شنت واشنطن حرباً على سورية، دامت عقدين من الزمن، كانت عاقبتها إخراج سورية من لبنان في العام ،2005 وعد وان تموز على لبنان في العام 2006 ثم الحر ب التي شنت ضد سورية بعد العام 2011 حلقات من هذه الحر ب الأميركية على بشار الأسد الذي رفض الانصياع لمطالبها والرضوخ لتهديداتها. لكن بعد صمود لمدة عقدين من الزمن فقد كان من شأن سورية أن تتلقى الضربات من تحالف دولي، تشكل ضدها وضم الولايات المتحدة ومجمل الدول الغربية، إضافة الى تركيا وغالبية حكومات النظام الرسمي العربي، بالإضافة إلى الجماعات الإسلا مية المتطرفة التي جندت مئات آلاف المقـ.ـاتلين لمحاربة النظام السوري.
ونتيجة هذه الحر ب الشعواء، فقد قدر لسورية أن تسقط في كانون أول ديسمبر 2024، ليحل محل الرئيس بشار الأسد حكم مدعوم من الغرب وتركيا والنظام الرسمي العربي، ويأتي بمن يقبل بما رفضه بشار الأسد قبل عقدين من الزمن، وهو إغلاق مكاتب الفصائل الفلسـ.ـطينية ووقف دعم فصائل المـ.ـقاومة ضد "إسرائيل" بذريعة أن سورية لن تكون مصدر تهديد لأي كان بما فيها "إسرائيل".